الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (نسخة منقحة)
ثم وسوست فكانت تقف في الموسم تنشد الشعر وتهيم على وجهها وذكر تمام الخبر المبرد أيضًا نحوه.وقال أبو عمرو الشيباني لما وجه معاوية بسر بن أرطاة الفهري لقتل شيعة علي رضي الله عنه قام إليه معن أو عمرو بن يزيد بن الأخنس السلمي وزياد بن الأشهب الجعدي فقالا يا أمير المؤمنين نسألك بالله والرحم ألا تجعل بسر على قيس سلطانًا فيقتل قيسًا بما قتلت بنو سليم من بني فهر وكنانة يوم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فقال معاوية يا بسر لا إمرة لك على قيس فسار حتى أتى المدينة فقتل ابني عبيد الله ابن العباس وفر أهل المدينة ودخلوا الحرة حرة بني سليم وفي هذه الخرجة التي ذكر أبو عمر الشيباني أغار بسر بن أرطاة على همدان وسبى نساءهم فكان أول مسلمات سبين في الإسلام وقتل أحياء من بني سعد.حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال حدثنا أبي قال حدثنا عبد الله ابن يونس قال حدثنا بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا موسى بن عبيدة قال حدثنا زيد بن عبد الرحمن بن أبي سلامة أبو سلامة عن أبي الرباب وصاحب له أنهما سمعا أبا ذر رضي الله عنه يدعو ويتعوذ في صلاة صلاها أطال قيامها وركوعها وسجودها قال فسألناه مم تعوذت وفيم دعوت فقال تعوذت بالله من يوم البلاء ويوم العورة فقلنا وما ذاك قال أما يوم البلاء فتلتقي فتيان من المسلمين فيقتل بعضهم بعضًا.وأما يوم العورة فإن نساء من المسلمات ليسبين فيكشف عن سوقهن فأيتهن كانت أعظم ساقًا اشتريت على عظم ساقها فدعوت الله ألا يدركني هذا الزمان ولعلكما تدركانه قال فقتل عثمان ثم أرسل معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فسبى نساء مسلمات فأقمن في السوق.وروى ثابت البناني عن أنس بن مالك عن المقداد بن الأسود أنه قال والله لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لقلب ابن آدم أسرع انقلابًا من القدر إذا استجمعت غليا».أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد المؤمن قال حدثنا أبو محمد إسمعيل ابن علي الخطبي ببغداد في تاريخه الكبير قال حدثنا محمد بن مؤمن بن حماد قال حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثنا محمد بن الحكم عن عوانة قال وذكره زياد أيضًا عن عوانة قال أرسل معاوية بعد تحكيم الحكمين بسر بن أرطاة في جيش فساروا من الشام حتى قدموا المدينة وعامل المدينة يومئذ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففر أبو أيوب ولحق بعلي رضي الله عنه ودخل بسر المدينة فصعد منبرها فقال أين شيخي الذي عهدته هنا بالأمس يعني عثمان رضي الله عنه ثم قال يا أهل المدينة والله لولا ما عهد إلي معاوية ما تركت فيها محتلمًا إلا قتلته ثم أمر أهل المدينة بالبيعة لمعاوية وأرسل إلى بني سلمة فقال ما لكم عندي أمان ولا مبايعة حتى تأتوا بجابر بن عبد الله فأخبر جابر فانطلق حتى جاء إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها ماذا ترين فإن خشيت أن أقتل وهذه بيعة ضلالة فقالت أرى أن تبايع وقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع فأتى جابر بسرا فبايعه لمعاوية وهدم بسر سورًا بالمدينة ثم انطلق حتى أتى مكة وبها أبو موسى الأشعري فخافه أبو موسى على نفسه أن يقتله فهرب فقيل ذلك لبسر فقال ما كنت لأقتله وقد خلع عليًّا ولم يطلبه.وكتب أبو موسى إلى اليمن إن خيلًا مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس من أبي أن يقر بالحكومة.ثم مضى بسر إلى اليمن وعامل اليمن لعلي رضي الله عنه عبيد الله بن العباس فلما بلغه أمر بسر فر إلى الكوفة حتى أتى عليًّا واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد المدان الحارثي فأتى بسر فقتله وقتل ابنه ولقي ثقل عبيد الله بن العباس وفيه ابنان صغيران لعبيد الله بن العباس فقتلهما ورجع إلى الشام.حدثنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا البخاري قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثني محمد بن مطرف قال حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدًا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم».قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال هكذا سمعت من سهل قلت نعم فإني أشهد على أبي سعيد الخدري سمعته وهو يزيد فيها فأقول: «إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول فسحقًا سحقًا لمن غير بعدي».والآثار في هذا المعنى كثيرة جدًّا قد تقصيتها في ذكر الحوض في باب خبيب من كتاب التمهيد والحمد لله.وروى شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم محشورون إلى الله عز وجل عراة غزلًا». فذكر الحديث وفيه «فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم».ورواه سفيان الثوري عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.وذكر أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال قدم حرمى بن ضمرة النهشلي على معاوية فعاتبه في بسر بن أرطأة وقال في أبيات ذكرها: وكان بسر بن أرطأة من الأبطال الطغاة وكان معاوية بصفين فأمره أن يلقى عليًّا في القتال وقال له سمعتك تتمنى لقاءه فلو أظفرك الله به وصرعته حصلت على دنيا وآخره ولم يزل به يشجعه ويمنيه حتى رآه فقصده فالتقيا فصرعه علي رضوان الله عليه وعرض له معه مثل ما عرض فيما ذكروا لعلي رضي الله عنه مع عمرو بن العاص.ذكر ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفين أن بسر بن أرطأة بارز عليًّا رضي الله عنه يوم صفين فطعنه علي رضي الله عنه فصرعه فانكشف له فكف عنه كما عرض له فيما ذكروا مع عمرو بن العاص ولهم فيها أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب منها فيما ذكر ابن الكلبي والمدائني قول الحارث بن النضر السهمي: قال أبو عمر إنما كان انصراف علي رضي الله عنهما وعن أمثالهما من مصروع ومنهزم لأنه كان يرى في قتال الباغين عليه من المسلمين ألا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير وتلك كانت سيرته في حروبه في الإسلام رضي الله عنه.وعلى ما روى عن علي رضي الله عنه في ذلك مذاهب فقهاء الأمصار في الحجاز والعراق إلا أبا حنيفة قال إن انهزم الباغي إلى فئة من المسلمين اتبع وإن انهزم إلى غير فئة لم يتبع.يعد بسر بن أرطأة في الشاميين ولي اليمن وله دار بالبصرة.ومات بالمدينة وقيل بل مات بالشام في بقية من أيام معاوية.
|